الجمعة، 20 مايو 2016

عندما حدثت مشادة في مجلس النواب العراقي بين رئيس المجلس ووزير المالية 1926 ابراهيم العلاف




عندما حدثت مشادة في مجلس النواب العراقي بين رئيس المجلس ووزير المالية 1926 

ابراهيم العلاف
من الاحداث التي سجلها لنا التاريخ العراقي المعاصر ، حادثة "إضراب النواب " عن حضور الجلسات لمجلس النواب يوم 20 مايس –ايار سنة 1926 والسبب هو المشادة الكلامية التي حصلت بين رئيس مجلس النواب انذاك رشيد عالي الكيلاني ، ووزير المالية صبيح نشأت . وقد انتهت الازمة بتقديم رئيس المجلس رشيد عالي الكيلاني استقالته من رئاسة مجلس النواب ، وانتخاب حكمت سليمان رئيسا لمجلس النواب . 
القصة بدأت في اليوم الثامن من مايس 1926 ، بينما كان مجلس النواب يناقش الميزانية ، واستضاف وزير المالية صبيح نشأت الذي اخذ يتكلم مع مقرر اللجنة المالية فناداه رئيس المجلس رشيد عالي الكيلاني بالقول :
-أدعوك الى النظام يا وزير المالية !
- وزير المالية صبيح نشأت :اتكلم مع مقرر اللجنة بخصوص الفصل المذكور .
-الرئيس : يجوز لك ذلك بأن تمضي اليه أو يأتي اليك ،لان تكلمك مع المقرر اثناء قراءة الفصل مما يجعلني ان لاافهم ما قرأه الكاتب ،لذلك أدعوك الى المحافظة على النظام يا وزير المالية !
-وزير المالية : صبيح نشأت : اولا كلامك لا اتلقاه بإخطار ، لاني محافظ على النظام ،وقد طلبت الكلام .
الرئيس –انت تسبب إخلال بالمذاكرة [المناقشة ] ! ادعوك الى النظام يا وزير المالية !
وزير المالية : انا اريد تسريعها ، وانا محافظ على النظام ،فأرجو يا فخامة الرئيس ان تحافظ أنت َ ايضا على النظام . 
الرئيس "سادتي ! رئيس المجلس يُهان من وزير المالية ، أنا لايسعني أن ابقى هنا ، ولهذا أترك المجلس 
كل هذه المشادة موثقة في محاضر مجلس النواب .كما نقلتها جريدة "الوقائع العراقية " ، العدد 444 بتاريخ 14 حزيران 1926 واقتبسها الاستاذ عبد الرزاق الحسني في الجزء الاول من موسوعته :"تاريخ الوزارات العراقية " . 
على أثر هذه الحادثة ، ذهب رئيس مجلس النواب رشيد عالي الكيلاني الى ديوان الرئاسة : رئاسة المجلس النيابي ، وقدم كتاب استقالته والذي جاء فيه :" حضرة نائب الرئيس الاول للمجلس النيابي المحترم 
يؤسفني جدا أن وزير المالية ،الذي يجب ان يكون إنموذجا للنظام ،يخل بالنظام ،ولم يصغ الى تنبيهات الرئيس المطابقة للنظام عندما أخل به الوزير بالمكالمة مع احد رفقائه الذي يبعد عنه بمسافة ،بحيث لم يدعني اسمع ما يتلوه الكاتب من الفصول ،وقد اضطررت أن استقيل من رئاسة المجلس التي أهانها وزير المالية بمعاملته الآنفة الذكر وأقدم احترامي .التوقيع :رشيد عالي الكيلاني 8 أيار 1926
كان لهذه الاستقالة ، صدى مدويا في المجلس ، وتوجه رئيس الوزراء وكان انذاك عبد المحسن السعدون (وزارته الثانية من 26 حزيران 1925 الى 21 تشرين الثاني 1926 ) ومعه اكثر من ثلاثين نائبا الى غرفة رئيس المجلس ، ومعهم وزير المالية الذي قدم اعتذاره بصفته وزيرا للمالية وبكونه نائبا عن لواء اربيل ، وأعرب عن استعداده للاعتذار علنا في قاعة المجلس النيابي ، فلم ينثنِ رئيس المجلس رشيد عالي الكيلاني عن عناده واصر على الاستقالة . 
حاول الملك فيصل الاول 1921-1933 اقامة الصلح بين رئيس مجلس النواب ووزير المالية ؛ فدعاهما الى البلاط لكنه أخفق .عندئذ اعلن بعض النواب الاضراب عن حضور جلسات المجلس ، وعدوا الامر إهانة للمجلس كله ؛ فإختل النصاب ، وتأخر عقد الجلسات ، وهدد رئيس الوزراء عبد المحسن السعدون بالاستقالة أو بحل مجلس النواب اذا لم يحصل النصاب القانوني لجلساته قائلا : إن الحالة اصبحت لاتطاق ، لذلك عاد معظم النواب الى المجلس ، واعلنت استقالة رئيسه الكيلاني في الجلسة المنعقدة في يوم 20 مايس –ايار 1926 ، فقبلت وتم انتخاب وزير الداخلية حكمت سليمان رئيسا لمجلس النواب .
هكذا كانت الامور في مجلس النواب العراقي ، وفي بواكير العمل النيابي فليتعلم من يريد ان يتعلم ، وليعرف من يريد ان يعرف .الانسان كلمة ويجب عليه ان يعتز بنفسه ، وبكلمته وان يتخلى عن كل منصب اذا شعر ان كرامته أهينت او ان هناك من يريد ان ينتقص منه ومن كرامته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ويومكم مبارك ورمضانكم كريم

  ويومكم مبارك ورمضانكم كريم ونعود لنتواصل مع اليوم الجديد ............الجمعة 29-3-2024 ............جمعتكم مباركة واهلا بالاحبة والصورة من د...