السبت، 11 يوليو 2015

وصايا فلاح سومري الى ولده بقلم : ابراهيم العلاف

وصايا فلاح سومري الى ولده
ابراهيم العلاف
في كتاب :"هنا بدأ التاريخ " تأليف س.ن. كريمر ترجمة السيدة ناجية المراني والذي صدر ضمن الموسوعة الصغيرة (العراقية ) عدد ايلول –سبتمبر 1980 مبحث بعنوان : " اول تقويم زراعي في العالم " والتقويم هذا عبارة عن لوح طيني صغير عثر عليه في مدينة نفر السومرية في العراق وهذا اللون يحوي مقاطع من اصل الوثيقة الزراعية التي يحملها اللوح المكون من 108 سطرا وهي وصايا وجهها فلاح سومري الى ولده لكي يتبعها خلال موسم الزراعة السنوي ابتداء من غمر الاراضي بالمياه في ايار –حزيران وانتهاء بتنظيف الغلة وتجفيفها في نيسان –ايار من العام القادم وتبدأ الوصية بالعبارة التالية :" لقد قدم احد الفلاحين لابنه هذه التعليمات في الازمنة الخالية " اما المعلومات التي تتضمنها الوثيقة فتتعلق بالواجبات والمجهودات التي تترتب على المزارعين في سبيل جودة الانتاج وتبدأ التعليمات بما يخص اعمال الري اذ توصي بالحذر كيلا يرتفع الماء كثيرا فوق الارض الزراعية وبعد امتصاص الارض المياه تجب حمايتها من ان تجوس خلالها الثيران او الحيوانات الاخرى ..كما يجب تنظيف الارض من الاعشاب والفضلات وتسييجها .
ونجد ان الفلاح ينصح بوجوب تحضير المعدات الزراعية من سلال وجوالق كما يجب تهيئة ثور احتياطي من اجل الحراثة وقبل البدء بالحراثة ولابد من ان تكون الارض قد نبشت مرتين بالمعول ومرة بالمعزقة ولابد من تكسير الصخر بالمطارق وينصح الفلاح ولده ان يشرف على العمل بنفسه ويقول له ان عمليتي الحراثة والبذار يجب ان تنجزا على صعيد واحد :آلة حرث يصحبها بذار ذو قمع ضيق يصب نازلا الى الاخدود وتقول الوصية انه يجب شق ثمانية اخاديد في كل شقة ارض قدرها عشرون قدما ..كما توصي بأن يكون البذر على عمق مناسب وفي حالة عدم ترسيخ البذرة جيدا في الارض لابد من اعادة النظر في المكان المحروث .
وفي الوصية تذكير من الاب لولده بأن يعرف ان هناك اخاديد مائلة واخاديد مستقيمة وعندما "تشق اخاديد مستقيمة يجب شق اخاديد مائلة وحيثما شققت مائلة شق مستقيمة ولابد من تنظيف الاخاديد بعد البذار لازالة ما يمكن ان يعرقل عملية الانبات
ومما جاء في الوصية ان على المزارع ان يصلي في يوم خروج النبتة من الارض شكرا لكي تحمى الحقول من شرور الهوام وجرذان الحقول كما يجب نصب فزاعة الطيور وحينما تنمو الغلة وتملآ الاخدود يصبح سقيها واجبا وحينما تصبح الغلة كثيفة فتغطي الحقل يجب سقيها مرة ثانية ثم ثالثة وحين يلحظ الفلاح احمرار ظاهر على الغلة المنداة فإن تلك علامة خطرة على المحصول اما اذا تحسنت الغلة وزالت هذه العلامة فيجب ان تسقى مرة رابعة وبذلك يزيد المحصول بنسبة 10% ..وحين يأتي وقت الحصاد يترتب على الفلاح الا يترك السنابل تنحني تحت ثقل الغلة بل عليه ان يبادر فيحصدها وعليه ان يجلب ثلاثة عمال كفريق يساعده في عملية الحصاد .
اما عملية الدراسة التي تلي الحصاد فيجب ان تؤدي بآلة تسحب جيئة وذهابا فوق الحصيد لمدة خمسة ايام ثم تفتح الغلة بآله اخرى تجرها الثيران وحينها تكون الغلال غير نظيفة لملامستها الارض فتذرى بالمذراة وتجمع وتنقى ..
وفي ختام النصيحة قال الفلاح السومري ان ما قدمه لولده من نصائح وتعليمات ليست من عندياته بل من الاله نينورتا الفلاح الحقيقي ابن الاله انليل .
يقول الاستاذ نوح كريمر الذي نشر هذهذه الوثيقة في كتابه آنف الذكر ان زراعة الغلال لم تكن وحدها معروفة في سومر انذاك بل هناك مايشير الى اعمال البستنة وانتاج الخضراوت والفواكه وثمة لوح اخر يذكر كيفية الاهتمام بمثل تلك المنتوجات وتوصي بإستعمال اشجار الظل لحماية تلك المحاصيل .
تلك حضارتنا فأين نحن الان منها ؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تقديم الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف* لكتاب الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي الموسوم ( رجال ونساء الخدمات المجتمعية في الموصل خلال العهد العثماني )

                          الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي يهدي الدكتور ابراهيم  خليل العلاف عددا من مؤلفاته المنشورة      تقديم  الاستاذ الدكت...