الأربعاء، 8 أبريل 2015

تاريخ كلية الآداب.... جامعة بغداد بقلم : الاستاذ محمد وليد صالح

تاريخ كلية الآداب.... جامعة بغداد
بقلم : الاستاذ محمد وليد صالح
تدريسي وباحث - جامعة بغداد
رحلة بدأ مشوارها نهاية الأربعينيات في القرن المنصرم، قاطعة أشواط ومسافات في طريق الفكر والأدب والثقافة. صرح علمي أنجب العلماء والمفكرين والأدباء، واحتضن فرسان الثقافة العراقية والعربية والعالمية، وكذلك ساهم في بناء الدولة، صرح من اعرق صروح الجامعة الأم، مد المشهد الثقافي بأسماء لامعة وبحوث علمية رصينة، أقيم في أروقته اكبر المؤتمرات والندوات، امتاز بخصوصية أصيلة استطاع أن يحافظ من خلالها على التقاليد الجامعية العريقة.. إنها كلية الآداب التي تعد من اعرق الكليات في العراق، ومن رحمها ولدت جامعة بغداد.
أشارت المسيرة التاريخية للكلية الى أنها تأسست في عام 48/ 1949، وكانت مدمجة مع كلية العلوم، أطلق عليها آنذاك اسم (كلية الآداب والعلوم)، ويعود ظهور فكرة إيجاد جامعة في أربعينيات القرن الماضي لغرض تعزيز الدور الريادي للبحث العلمي، خاصة بعد ان أسست مجموعة كليات تهدف الى إعداد موظفين او متخصصين بمهن معينة لتلبية احتياجات آنية، أي أنها كانت تهدف الى إعداد مهنيين بالدرجة الأولى.
وفي عام 1943 اصدرت الحكومة أمراً تم بموجبه تشكيل أول لجنة لدراسة مشروع انشاء جامعة بغداد، برئاسة الخبير البريطاني (هملي) وخلصت اللجنة الى اهمية تنفيذ المشروع، فضلا عن التوصية بتأسيس أولى كلياتها وهي (كلية الآداب والعلوم) عام 1949، ويكون هدفها الرئيس العناية بالآداب والعلوم الحرة، دون أن تتقيد بتخريج المهنيين المختصين، فكانت كلية الآداب والعلوم الغرسة الأولى للتعليم الجامعي في العراق.
استمرت الدراسة في الكلية المذكورة حتى عام 1956، وفي شهر أيلول تم تشريع قانون جامعة بغداد، إذ أسست الجامعة رسمياً، لكن القانون لم يشرع في تنفيذه حتى أواخر عام 1957، بعدها عين الدكتور متي عقراوي أول رئيس لجامعة بغداد وترأس مجلسها التأسيسي.
وبعد مرور عام تقريباً أعيد النظر في مشروع الجامعة، وتألفت لجنة أوصت بإلغاء قانون عام 1956 واستعاضت عنه بقانون آخر صدر عام 1958، ألغى المجلس التأسيسي وحل محله مجلس الجامعة الذي اجتمع لأول مرة في شهر تشرين الثاني عام 1958، إذ تم فصل كلية الآداب وكلية العلوم.
وضمت كلية الآداب ثلاثة أقسام هي (اللغة العربية وآدابها والاجتماعيات والفلسفة)، ثم أضيفت أقسام أخرى شملت اللغة الانكليزية والآثار والحضارة عام 1951، والاقتصاد والاجتماع 1952، فضلا عن إلغاء قسم الفلسفة عام 1945 وأعيد فتحه بعد مرور 6 اعوام، وفي مطلع عام 1959 تم فتح قسمين جديدين هما اللغة الكردية والعلوم السياسية، وفي عام 1962 ألحق قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وبعد عام الحق قسم اللغة الكردية بكلية اللغات، وكذلك استحداث قسم الصحافة لأول مرة في العراق سنة 1964، وأعيد تنظيمه وتسميته قسم الإعلام حتى أصبح عام 2002 كلية الإعلام- جامعة بغداد.
ففي عام 1969 أدمجت كلية اللغات والبنات والتربية والشريعة في كلية الآداب، وكذلك استحداث قسم اللغات الأوربية والشرقية وانفصل عن قسم اللغة الانكليزية عام 1980، ثم ألحق قسم اللغات الأوربية والشرقية بكلية اللغات عام 1988، وأدمجت كلية أصول الدين بقسم الدين عام 1972 حتى أصبحت كلية الشريعة، وتحويل قسم اللغة الكردية الى كلية التربية، واستحداث قسم علم النفس عام 1974.
شغلت الكلية عند تأسيسها عام 1949 البناية المقابلة للمعهد الطبي الفني الواقعة في باب المعظم، وبعد مرور ثمان اعوام انتقلت الى البناية التي تشغلها كلية القانون، وبعد مرور ثلاثة عشر عاماً أدمجت أربع كليات هي التربية والشريعة واللغات والبنات في كلية الآداب، وانتقلت الكلية عام 1969 الى البناية التي كانت كلية التجارة آنذاك وهي البناية المشغولة حالياً.
وقد بلغ عدد الدورات التي تخرجت في الكلية لمرحلة البكالوريوس منذ تأسيسها والى الآن (57) دورة، وبلغ عدد الطلبة المتخرجين في الدفعة الأولى (65) طالب وطالبة للعام الدراسي 52/1953.
وضعت كلية الآداب اللبنات الأولى للدراسات العليا في العراق، للعام 63/ 1964 لدراسة الماجستير، وهي أول دراسات عليا في جامعة بغداد، وكانت في قسمي التاريخ والجغرافية، وافتتحت دراسة الدكتوراه عام 1971 في أقسام التاريخ واللغة العربية والجغرافية، وكان نزار عبداللطيف الحديثي أول طالب حصل على شهادة الدكتوراه في كلية الآداب- قسم التاريخ عام 1975. وفي الوقت الحاضر تشمل الدراسات العليا أقسام الكلية الثمانية، إذ وصل المعدل العام لعدد طلبة الدراسات العليا نحو (700) طالب وطالبة.
وعن إنجازات كلية الآداب على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، يروي عميدها الأستاذ الدكتور فليح كريم الركابي ان الكلية امتازت بنشاطها العلمي والثقافي في كل مجالات المعرفة الإنسانية، اذ عقدت مؤتمرات وندوات عدة، ولها موسم ثقافي تم إحياؤه وقدمت مجموعة ندوات دورية منها عن الدكتور علي الوردي ماله وما عليه، الغرب في نظر الرواية العربية، حقوق الإنسان عبر التاريخ، اللغة والوئام الحضاري، علم الاجتماع ودوره في المتغيرات الحاصلة.
وتولي الكلية جانب الإعلام العلمي الاهتمام الأوفر، لنشر البحوث العلمية المتخصصة، اذ تصدر عن الكلية (مجلة الآداب) وهي علمية محكمة، صدر عددها الأول في شهر حزيران عام 1959، ومازالت مستمرة، فضلا عن مجلة متخصصة أخرى تصدر عن قسم التاريخ صدر عددها الأول عام 2000، تعنى بنشر البحوث العلمية الرصينة في مجال التاريخ والآثار.
وتهدف الكلية الى رفع المستوى الثقافي والفكري في المجتمع، والمساهمة في بناء الدولة العراقية، علماً انها فتحت قنوات تعاون مع دوائر الدولة في مجالات التعاون المشترك، إذ تعد الكلية الأم بين كليات الآداب في العراق. وعلى صعيد المشاركات الخارجية اذ تم زيارة جمهورية ألمانيا الاتحادية لحضور مهرجان بابل للآثار الذي أقامه متحف برلين للآثار وزيارة معهد الآثار الألماني، اذ تم عقد اتفاقية مع جامعة برلين الحرة، نصت على إيفاد ثلاثة طلاب من حملة شهادة الماجستير لغرض الحصول على شهادة الدكتوراه، اذ يتحمل الجانب الألماني النفقات الدراسية لهؤلاء الطلبة.
ومن اللمحات التاريخية التي تحفظها ذاكرة كلية الآداب، رفد الساحة العراقية والعربية والدولية بالعديد من المفكرين الذين تخرجوا في هذا الصرح العلمي في التخصصات شتى، ومن الأساتذة الرواد في الكلية منهم طه باقر، جواد علي، علي جواد الطاهر، علي الوردي، جعفر خصباك، ياسين خليل، خليل عماش، ابراهيم شوكت، جاسم محمد خلف، عناد غزوان، صالح احمد العلي، سامي حميد الأحمد، محمود الجادر، كامل الشيبي، مدني صالح.. وأساتذة آخرون تخرجوا في الكلية.
وأساتذة ما يزالون يواصلون عطائهم العلمي منهم حسام الالوسي، قيس النوري، متعب مناف السامرائي، احمد السامرائي، كمال مظهر، حمدان الكبيسي، صالح العابد، مرتضى النقيب، بهجت كامل عبداللطيف، عبدالعزيز حميد صالح، عبداللطيف الجميلي، فاضل عبدالواحد، عبدالاله فاضل، خالد الاعظمي، غازي رجب.. والقائمة تطول.
اما ادارة عمادة كلية الآداب منذ تأسيسها والى الآن، اذ تولاها اثني عشر أساتذاً بتخصصات شتى، كان أولهم الدكتور عبدالعزيز الدوري للمدة (49/ 1958)، الدكتور مهدي المخزومي للمدة (58/ 1961)، الدكتور ناجي معروف للمدة (61/ 1964)، الدكتور جميل سعيد العاني للمدة (64/ 1968)، الدكتور محمود غناوي الزهيري للمدة (69/ 1971)، الدكتور خليل حماش التكريتي للمدة (71/ 1975)، الدكتور نوري حمودي القيسي للمدتين (75/ 1980) (86/ 1994)، الدكتور نزار عبداللطيف الحديثي للمدة (95/ 2001)، الدكتور قحطان سليمان الناصري للمدة (01/ 2003)، الدكتور بهجة كامل عبداللطيف التكريتي للمدة (2003 / 2004)، الدكتور صالح فليح الهيتي للمدة (2004 / 2005)، الدكتور فليح كريم الركابي (2005 - 2011 )، الدكتور فيصل غازي مجهول ( 2011 - 2014) ، الدكتور صلاح فليفل عايد الجابري ( 2014م - ولحد الآن .... )
*http://www.averroesuniversity.org/


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حركة الشواف المسلحة في الموصل 8 من آذار 1959 وتداعياتها

  حركة الشواف المسلحة  في الموصل  8 من آذار 1959 وتداعياتها  أ.د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل ليس القصد ...