الأربعاء، 1 أبريل 2015

مع كتاب [ تفتيت الشرق الاوسط ] للدكتور جيرمي سولت ا.د.ابراهيم خليل العلاف

مع كتاب [ تفتيت الشرق الاوسط ] للدكتور جيرمي سولت
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
بين يدي الان كتاب مهم وخطير بعنوان :" تفتيت الشرق الاوسط .. تاريخ الاضطرابات التي يثيرها الغرب في العالم العربي " للدكتور جيرمي سولت، ترجمة الدكتور نبيل صبحي الطويل ، والذي صدر عن دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق .والكتاب يقدم الخلفية الاساسية اللازمة لفهم حاضر الشرق الاوسط بعرضه حسب التسلسل الزمني للتاريخ الدموي الطويل للتدخل الغربي في البلاد العربية بدءا من الاحتلال الفرنسي للجزائر والبريطاني لمصر في القرن التاسع عشر وصورا الى الصراع العربي -الصهيوني وحتى الحرب والاحتلال والغزو الاميركي للعراق .
ويعرض المؤلف - وهو متخصص بتاريخ الشرق الاوسط الحديث - صورة صادقة لمحاولات الغرب المستمرة لتفتيت الشرق الاوسط بكل الوسائل السياسية والعسكرية والاقتصادية والفكرية .. ويتم التفتيت بإسم نشر المدنية والديموقراطية والحرية .
ومما يزيد من أهمية الكتاب ؛ ان مؤلفه غاص في الارشيفات البريطانية والاميركية ليكشف مخططات السياسيين الغربيين وما كانوا يقررونه وراء الابواب المغلقة .
والكتاب بالاصل صدر بالانكليزية ونشر في مطابع جامعة كاليفورنيا الاميركية والمؤلف لم يكن بعيدا عن المنطقة فهو من عاش فيها وتجول في ارجاءها منذ سنة 1965 عندما وصل الى بيروت وكان صحفيا شابا يعمل في احدى صحف ملبورن الاسترالية .. وقد سكن في شفة بسيطة بشارع الحمرا وكان عمره 22 سنة ..
ومن حسن الصدف انه استطاع ان يعمل في يومية لبنانية تصدر بالانكليزية هي "الديلي ستار " وهكذا بدأ يدرس المنطقة ..كتب عن حرب 1967 وقال ان اسرائيل بضربتها الصاعقة على مصر وسوريا نجحت حيث فشلت بريطانيا قبلها 1956 ويصف حالة التشفي الغربي بإسقاط (ناصر ) الذي كان يصفه الغرب بالدكتاتور العربي .
يقول ان ما دفعه لتأليف كتابه هو رغبته في ان يكشف الاثار والنتائج في الشرق الاوسط للقرارات المتخذة في مراكز القوى العالمية الغربية على وجه الخصوص في القرنين الماضيين ، وتقنيات السيطرة والضبط التي استعملتها الحكومات تلك والتي تتراوح بين الغزو والاحتلال والاساليب السرية الاخرى لممارسة التسلط عن طريق الاتفاقيات والشيء الاحدث هو عن طريق خلق الاعتماد الاتكالي لتلك الدول على المعونة الخارجية الكبيرة الحجم .
ويضيف المؤلف الى ذلك قوله : ان الزعماء العرب الخائفين المحرضين المختارين جعلوا ذبح اوطانهم اكثر سهولة .وثمة حاجة الى تأليف كتاب يوثق مسؤوليتهم في ما آل اليه الشرق الاوسط .وقال ايضا ان كتابه يهتم في الكشف عن كيفية ضغط الغرب من خلال باب مفتوح سنة 1798 ويستمر في ضغطه منذ ذلك التاريخ والتشابهات عبر القرون ومن ضمنها التبرير الاخلاقي للتدخل والمتمثل بإكذوبة إدخال قيم وممارسات النظام الديموقراطي المدني ، والحرية ، وتمكين المرأة ، والمشاركة السياسية وافساح المجال للاقليات لكي تمارس دورها .
كانوا ينظرون الى محمد علي باشا وعبد الناصر وكل زعيم يقف في مواجهة تسلطهم على انه دكتاتور يستحق العقاب .. ولم تكن لهجة اللورد بالمرستون وانطوني ايدن وجورج دبليو بوش مختلفة وكل ما كان يقوم به الغرب كان يدعم ببنية ثقافية اعلامية طاغية تبحث عن (نحن ) و(هم ) نحن الملائكة وهم الشياطين .
والكتاب بمقدماته وفصوله الاربعة يعرض المشهد والمشهد الحاضر بالنظر الى ما روجه صموئيل هنتغتون في كتابه :" صراع الحضارات " وتشكيل ما اسماه [حدود الاسلام الدموية ] وكيف ان المسلمين في وقت مضى فرضوا وأكدوا حدودهم خلال الصعود العربي -الاسلامي ايام الدولة الاسلامية والصعود التركي -الاسلامي ايام الدولة العثمانية الا ان حدودهم تلك في عهود التواكل والانحطاط تراجعت وفرض الغرب عليهم حدودا جديدة منذ غزو بونابرت لمصر 1798 وما بعد ذلك ذلك وصولا الى ما نحن عليه اليوم من الرغبة في رسم حدود مذهبية الطابع من خلال اثارة صراع طائفي مذهبي يذكرنا بما قام في القرنين السادس عشر والسابع عشر سواء في الغرب بين البروتستانت والكاثوليك او في الشرق بين الفرس الشيعة والعثمانيين السنة ...
ومن الغريب ان المؤلف يقف طويلا عند اكذوبة الغرب وسؤالهم لانفسهم :لماذا يكرهوننا ؟ ويقول انهم كانوا ولايزالون ينظرون منذ ايام الحروب الصليبية في القرن 11 وحتى اليوم على ان الاسلام - كدين وكثقافة - يشكل خطرا على الغرب .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ويومكم مبارك ورمضانكم كريم

  ويومكم مبارك ورمضانكم كريم ونعود لنتواصل مع اليوم الجديد ............الجمعة 29-3-2024 ............جمعتكم مباركة واهلا بالاحبة والصورة من د...