السبت، 7 مارس 2015

إنقلاب بكر صدقي 29 تشرين الثاني 1936 أول انقلاب في الشرق الاوسط والعالم العربي ا.د.ابراهيم خليل العلاف

إنقلاب بكر صدقي 29 تشرين الثاني 1936 أول انقلاب في الشرق الاوسط والعالم العربي
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة بغداد
خلال الثلاثينات من القرن الماضي ، ظهر اتجاهان سياسيان داخل الجيش العراقي . أحدهما يدعو الى ان يكون العراق للعراقيين ، وينسق مع الاحزاب السياسية ذات الاتجاه اليساري مثل الحزب الوطني الديموقراطي . وثانيهما يدعو الى الوحدة العربية ويؤكد الهوية العربية للعراق .وقد تكتل الضباط المؤيدين للاتجاه اليساري حول الفريق الركن بكر صدقي قائد الفرقة الثانية ، وتكتل الضباط المؤيدين للاتجاه القومي حول العقداء الاربعة صلاح الدين الصباغ ورفاقه ومن يساندهم من الضباط الكبار امثال اللواء الركن محمد امين العمري .
وثمة عوامل ساعدت على بروز شخصية الفريق الركن بكر صدقي منها شخصيته الكارزمية ، ونجاحه في قمع حركة الاثوريين ، وحركات العشائر العربية في الفرات الاوسط 1933-1934 .ويذهب بعض المؤرخين الى ان حكمت سليمان يُعد المحرك الاساسي للانقلاب العسكري وكان حكمت سليمان من السياسيين الذين يذهبون المذهب الاقليمي المؤيد لفكرة ان العراق للعراقيين، وكان على صلة بجماعة الاهالي اليسارية منذ بداية سنة 1935 ، وقد سخر كل امكانية الجماعة السياسية والفكرية للاطاحة بوزارة ياسين الهاشمي القومية .
ومما تأكد للمؤرخين ان لبكر صدقي طموحات سياسية ، فهو يريد ان يتشبه بالزعيم التركي مصطفى اتاتورك .فضلا عن انه كان يشعر بالخوف من ان يتنامى دور الضباط القوميين العرب .وقد بدأ يخطط للقيام بأنقلاب عسكري وفاتح بعض انصاره واتفق معهم وكان ممن اتصل به الفريق الركن عبد اللطيف نوري قائد الفرقة الاولى الذي كان ساخطا على وزارة الهاشمي لرفضها السماح له بالعلاج خارج العراق وقد اتفق الاثنان على القيام بالحركة ووضعا سوية خطة الانقلاب اثناء القيام بالمناورات الخريفية المعتادة في جبل حمرين في المنطقة الواقعة بين خانقين وبغداد .وقد استغلا غياب الفريق الركن طه الهاشمي رئيس اركان الجيش خارج العراق لحضور مناورات الجيش البريطاني .
وفي ليلة الخميس 29 تشرين الاول سنة 1936 زحفت وحدات عسكرية من قره غان وبلدروز قاصدة بعقوبة ، ثم قطعت خطوط الاتصال مع بغداد ، واستولت على اسلاك البرق والهاتف .. وفي الساعة السابعة والنصف زحفت القوات نحو العاصمة بغداد بقيادة الفريق الركن بكر صدقي نفسه
وفي الساعة الثامنة والنصف صباحا ألقت ثلاث طائرات من القوة الجوية الالاف من المنشورات المطبوعة بالالة الكاتبة وهي تحمل بيانا موقعا بأسم :"قائد القوة الوطنية الاصلاحية :الفريق بكر صدقي العسكري " .وتضمن البيان انتقاد حكومة ياسين الهاشمي، والدعوة الى اقالتها والطلب الى الموظفين بمقاطعتها وترك دوائرهم الى حين استقالتها وتأليف وزارة جديدة .
وفي الوقت نفسه حمل حكمت سليمان كتابا الى الملك غازي 1933-1939 موقعا من قبل بكر صدقي وعبد اللطيف نوري وسلمه الى رستم حيدر رئيس الديوان الملكي تضمنت تهديدا بقصف بغداد اذا لم يوافق الملك على الانقلاب الذي لايستهدف العائلة المالكة بل الوزارة فقط .
الشيء المهم ان الانقلاب نجح ، وسقطت وزارة ياسين الهاشمي ، وكلف الملك حكمت سليمان بتشكيل الوزارة التي أصدرت منهاجها في 9 كانون الاول 1939 الذي اكد استمرار التعاون مع بريطانيا واصدرت جماعة الاهالي بيانا موقعا بأسم "لجنة الاصلاح التقدمي الوطني " اشاد بالانقلاب وقادته ودعا الى القيام بالمظاهرات المؤيدة والمطالبة بالامور التالية :
1.ازالة آثار الظلم .
2.تقوية الجيش.
3.العفو عن المسجونين السياسيين .
4.فتح النقابات والصحف التي اغلقتها الحكومات السابقة .
5. تخفيف ويلات الفقر وحل مشكلة البطالة وتشجيع الصناعة .
6.توحيد الحركات الشعبية العربية لتأمين التقدم المطلوب .
7. التساوي في الحقوق بين العراقيين والتمسك بوحدتهم ونشر الثقافة والوقاية الصحية .
وقد اندلعت في بغداد تظاهرات عارمة يوم 30 تشرين الثاني 1936 بعد اجتماع حاشد في جامع الحيدرخانة القيت فيه الكلمات والقصائد وكان المتظاهرون يحملون لافتات ترحب بحكومة الانقلاب الجديدة منها " يحيا الملك - يحيا الجيش - تحيا الوزارة الشعبية " .كما خرجت مظاهرات مماثلة في مدن العراق الاخرى ، وجاءت الى بغداد وفود المدن والمتصرفيات (المحافظان ) لتهنئة الوزارة الجديدة .
اما القوى القومية فقد اخذت تشعر بالخوف من ان يبُعد العراق عن محيطه العربي، وكتبت جريدة الاستقلال الناطقة بلسان القوميين مقالا في هذا الصدد .
وقد حلت وزارة حكمت سليمان المجلس النيابي (البرلمان ) وشرعت بإجراء انتخابات يوم 10 كانون الاول 1936 وجرت الانتخابات وحصل انصار بكر صدقي على 30 مقعدا بينما حصل الاصلاحيون من جماعة كامل الجادرجي على 12 مقعدا فقط من مقاعد البرلمان البالغة 108 مقعدا وعاد الى المجلس ثلث النواب السابقين.
دب الخلاف بين الاصلاحيين وجماعة بكر صدقي وقدم عدد من الوزراء منهم كامل الجادرجي وجعفر ابو التمن وصالح جبر ويوسف عز الدين استقالاتهم من الوزارة في 19 حزيران 1937 واتهم بكر صدقي وحكمت سليمان بالتفرد في اتخاذ القرارات وتحركت الكتلة القومية العربية في الجيش لاغتيال بكر صدقي قي 11 اب 1937 في الموصل اثناء توقف طائرته المتوجهة الى انقرة هو وقائد القوة الجوية المقدم محمد علي جواد (بالمناسبة هو ابن عمة الزعيم عبد الكريم قاسم ) وطالبت الحكومة بتسليم القتلة الا ان اللواء الركن محمد امين العمري امر موقع الموصل وهو شخصية قومية رفض ذلك وانفصلت الموصل اداريا عن بغداد واضطر حكمت سليمان الى الاستقالة في 11 اب 1937 وبذلك سقطت حكومة الانقلاب وبدأت الكفة ترجح لصالح الضباط القوميين الذي قادوا في مايس 1941 انقلابا جديدا وعندئذ بدأت صفحة اخرى من صفحات تاريخ العراق المعاصر .
------------------------------------------------------------------
* من كتاب : تاريخ العراق المعاصر للدكتور ابراهيم خليل العلاف والدكتور جعفر عباس حميدي .
**الصور من ارشيف الصديق الاستاذ علي مؤيد فشكرا له .


هناك تعليق واحد:

  1. عاشت ايدك دكتور بس انوه لخطا بالكتابة هو العنوان تشرين الاول وليس الثاني

    ردحذف

تقديم الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف* لكتاب الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي الموسوم ( رجال ونساء الخدمات المجتمعية في الموصل خلال العهد العثماني )

                          الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي يهدي الدكتور ابراهيم  خليل العلاف عددا من مؤلفاته المنشورة      تقديم  الاستاذ الدكت...