الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

الاحتفاء بعالم الاقتصاد السياسي في العراق الدكتور محمد سلمان حسن

“بيت المدى” يحتفي برجل الاقتصاد السياسي  الدكتور محمد سلمان حسن.. دروس في الوطنية وفـي خدمة المعرفة

في واحد من أبرز نشاطات “بيت المدى” في شارع المتنبي اجتمع مثقفون وسياسيون واقتصاديون ليستذكروا شخصية أسدل عليها ستار النسيان لسنوات طويلة وتعرضت خلال حياتها إلى ظلم فادح ،إنه العالم...
في واحد من أبرز نشاطات “بيت المدى” في شارع المتنبي اجتمع مثقفون وسياسيون واقتصاديون ليستذكروا شخصية أسدل عليها ستار النسيان لسنوات طويلة وتعرضت خلال حياتها إلى ظلم فادح ،إنه العالم الاقتصادي والمفكر السياسي الراحل الدكتور محمد سلمان حسن الذي قال عنه الدكتور سنان الشبيبي بأنه واحد من أهم واضعي ركائز علم الاقتصاد السياسي ليس في العراق فحسب وإنما في العالم أجمع .
الفعالية التي حضرها جمهور غفير قدم لها الدكتور ميثم لعيبي قائلا : اليوم نجتمع لإحياء ذكرى صوت سياسي وطني نادى بحرية الإنسان وكرامته قبل أن يكون صوتاً اقتصادياً، وقد ترك لنا مؤلفات مهمة في حقل النفط والتخطيط الاقتصادي.
وقدم لعيبي شرحا مختصرا عن حياة الراحل قائلا : محمد سلمان حسن ولد في بغداد محلة حمام المالح عام 1928 من أسرة فقيرة.. حصل على الدكتوراه في الاقتصاد السياسي من جامعة أكسفورد بامتياز سنة 1958.. شغل عضوية الهيئة الاستشارية لمجلس الإعمار الذي أنشئ عام 1950 لرسم السياسة الاقتصادية العراقية ،كما أسهم في عضوية الوفد العراقي الذي أبرم الاتفاقيات الاقتصادية مع الاتحاد السوفييتي والصين الشعبية.. وهو أول من طالب بتأميم النفط العراقي عام 1966، وفي العام نفسه رفع مع إبراهيم كبه ومصطفى علي وعبد الوهاب محمود مذكرة إلى رئيس الوزراء ناجي طالب حول التحولات الاجتماعية في العراق.. وكانت مواقف وطنية وآراء سياسية مثله مثل حال العديد من مفكري اليسار العراقي تسببت بسجنه في انقلاب شباط 1963 وعذب ومزقت إحدى إذنيه نتيجة الضرب المبرح على وجهه، وفصل من الخدمة وبقي رغم ذلك متمسكا بمواقفه السياسية.. ومن مواقفه كذلك رفض منصب وزير النفط الذي عرضه عليه أحمد حسن البكر عام 1969. وفي عام 1984 أودع كرها مستشفى الأمراض العقلية ووضع في ردهة مع المختلين.. وقد شهد عام 1989 رحيله عنا بعد معاناة مع المرض.
فرصة وفاء
أول المتحدثين الدكتور مهدي الحافظ الشخصية الاقتصادية المعروفة الذي استذكر مواقف الراحل مبيناً : ان الحديث عن الدكتور محمد سلمان حسن يعد فرصة وفاء بحق شخصية مهمة في التاريخ السياسي والاقتصادي وأيضا الفكري في عراق الستينيات والسبعينيات وكان منهم ، الأستاذ إبراهيم كبة والفقيد مصطفى علي وعدد آخر من الشخصيات التي أسهمت في الحياة السياسية حيث كانت لهم جذور ومساهمات كبيرة صادقة ومؤلفات معروفة. موضحاً ان الراحل كانت له مواقف مؤيدة لتأميم النفط ،وقد ظهر واضحا في المحاضرة التي ألقاها عام 1966 في جمعية الاقتصاديين العراقيين حول تأميم النفط العراقي. لافتاً إلى اعتراضات كبيرة واجهت المحاضرة بخصوص نقاط تفصيلية اختلف عليها في عملية التأميم وقال: بعد ست سنوات جرى تأميم النفط ، وأضاف الحافظ ان أهم ميزات الراحل انه كان ماركسياً مستنيراً يتطلع إلى الفكر المتطور في العالم الاشتراكي، ولهذا السبب نجد ان من اهم إنجازاته انه قام بتعريب وترجمة كتاب أوسكار لانكه وهو شخصية مهمة في الفكر الاقتصادي العالمي ومن العناصر المهمة في تطوير الفكر الاشتراكي.
قضية النفط
فيما أشار اللدكتور مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء إلى قضية النفط والضمانات التي أثارها حافظ أثناء حديثه في محاضر عام 66 لافتاً إلى وجود سر في الموضوع. مبيناً ان المحتفى به قد درّسه مادة التنمية الاقتصادية في دورة الماجستير. منوهاً ان الدكتور إبراهيم كبة أخبره بعد سنة من التأميم عام 72 بأن النظام السابق كان متردداً في مسألة التأميم ،باحثاً عن ضمانات. وقال: الحقيقة هناك ثلاثة أركان مهمة في صياغة قانون رقم 80 هي مساهمة إبراهيم كبة ومحمد سلمان حسن وعبد اللطيف الشواف، في صياغة هذا القانون، وفي عشية التأميم اجتمعوا بهم في بناية المجلس الوطني ليلاً وعرضوا عليهم طلب الضمانات. مبيناً ان هؤلاء الثلاثة طمأنوهم بالسير في عملية التأميم. وأضاف الدكتور مظهر : ان محمد سلمان حسن كان متداخلاً شخصياً في أفكار مع لانكه حتى توجد علاقة عائلية بينهم. مبينا ان لانكه توفي عام 65 وهو حاصل على نوبل في الاقتصاد، والدكتور محمد سلمان حسن اكمل مشروعه في الاقتصاد السياسي الذي يمثل اشتراكية السوق وهي الفلسفة التنويرية الحديثة بالفكر الاشتراكي. والنقطة الثالثة هي ان الدكتور حسن كان يعرّج كثيراً على الثنائية الاقتصادية في بلد مثل العراق يوجد فيه النفط والمياه والقطاع الزراعي. منوهاً إلى المسار السلمي الذي اتخذته الصين بعد خمس سنوات مما دعا إليه حسن في محاضرة له عام 78، مشيراً الى ان التنمية تتحقق في السلام وأن العراق كان يريد أن يجعل حربه تنمية!
اقتصادنا أعرج
وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور باسم جميل أنطون ان العراق يمتلك ثراءً فكرياً في مجال الاقتصاد متمثلاً في الدكتور محمد سلمان حسن وإبراهيم كبة. وقال: ان ما يحز بأنفسنا الآن هو ان اقتصادنا أعرج نعاني من سوء إدارة الملف الاقتصادي متلكئين في تنفيذ برامج عشر سنوات مضت و800 مليار دولار تضيع هباءً من بنى تحتية وبطالة وفقر وأمية من ان نهتدي إلى العلاج. وقال: أنا سعيد لإقامة بيت المدى احتفالية استذكار لمحمد سلمان حسن هذه الشخصية الاقتصادية الذي لم نكن قد استفدنا من فكره وكفاءاته وما تركه لنا من إرث اقتصادي.
الفكر الفاشي القامع
ومن جانبه ذكر الخبير الاقتصادي الدكتور ماجد الصوري أن استذكار الاقتصادي الدكتور محمد سلمان حسن له اثر كبير على قلوبنا جميعاً لكونه أسس لقاعدة اقتصادية مهمة في العراق. وقال: أتذكر في عام 67 كنت في موسكو طالباً للدراسات العليا وكان هناك صراع بين الأفكار الاشتراكية التقليدية والأفكار المحدثة للاشتراكية، ومن بينها الأفكار المحدثة لتطوير العالم الثالث ومنها التطوير اللا رأسمالي. مبينا ان هناك عناصر كانت تدعو إلى نظام اقتصاد السوق الاشتراكي وتأثير عوامله في تركيبة السوق العالمي. وقال: للأسف الشديد ان ما تعرض إليه الفكر الاقتصادي في العراق من هجمات كبيرة ومعاقبة لكل فكر اشتراكي يعمل من اجل تطور الشعب. مشيراً إلى ان الفكر القومي الفاشي قمع كل الأفكار التي تسعى لتطوير المجتمع العربي والعراقي بالذات من اجل الحصول على تنمية اقتصادية. منوهاً إلى فكر الدكتور محمد سلمان الذي وصل إلى بلدان العالم ومنها أميركا اللاتينية وموسكو ولم يحقق العراق جزءاً من هذا الأفكار الخلاقة.
الوضع السياسي
وفي شهادته أشار الدكتور عباس إبراهيم الى انه في فترة الستينات وبعد اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم كانت هناك مباحثات بين شركات النفط والحكومة العراقية من اجل الالتفاف على القانون رقم 80 . منوهاً إلى ان جمعية الاقتصاديين كانت تعقد ندوات والدكتور حسن واحد من الناشطين فيها. مشيراً إلى ان المحتفى به كان له دور كبير في تثقيف الطلبة حيث استفادوا من محاضراته كثيراً لكونها تحتوي على توضيحات سوف تؤدي إلى خدمة الوضع النفطي. موضحاً أن الظروف السياسية التي مر بها العراق لم تعط الفرصة لهؤلاء المفكرين للعمل بشكل مباشر لوضع اقتصاد العراق على السكة الصحيحة.
المعرفة انتصار
وفي مداخلته بين القاص حسين الجاف انه كان يرى المحتفي به في المكتبة يطالع مجموعة كبيرة من الكتب مسجلاً ملاحظاته وأفكاره. وقال: كان متواضعاً جداً ودؤوباً وخلوقاً. موضحاً انه في احدى المرات تكلم معه فنصحه بالمطالعة والمتابعة مؤكداً ان العراق لا ينتصر إلا من خلال المعرفة.
الديمقراطيون المستقلون
ومن جانبه روى الدكتور عبد الهادي مشتاق جانباً من ذكرياته مع الدكتور محمد سلمان حسن ،مبيناً انه خلال فترة السبعينات كان عائداً من روسيا. وقال: كنت مع مجموعة زملائي لدينا رغبة ان نجمع الديمقراطيين ونجعل منهم حركة تحت عنوان الديمقراطيين المستقلين. مشيراً إلى انه التقى بالدكتور حسن وكان خارجاً لتوه من السجن وكانوا يدعونه بالوزير الرافض لكون عرض عليه تولي وزارة التخطيط فرفضها. مبيناً انه عاش أياماً في محجر معصوب العينين لم يعرف ليله من نهاره.
الأستاذ الأب
وبيّن السيد زهير ياسين انه كان احد تلامذة الدكتور محمد سلمان حسن.
وقد وجده يتميز بصفات خلاقّة ولم نكن نشعر بأننا طلابه وإنما كان معنا كأب حنون بين أولاده. مشيراً إلى انه كان يزقّنا العلم كما تزّق الحمامة أفراخها، وما زالت صورته أمامي.
المصدر: جريدة المدى، 29/11/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بيوت في ذلك الزقاق ...............فيلم عراقي مهم

  بيوت في ذلك الزقاق ...............فيلم عراقي مهم - ابراهيم العلاف وفي إطار التوثيق للسينما العراقية المعاصرة ، ثمة أفلام تنتمي الى الواقع...