الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

مجلة الجزيرة (الموصلية ) بقلم :عبد الحاج حمود الكناني



مجلة الجزيرة الموصلية ... مرآة عاكسة للشأن الثقافي والادبي في الاربعينيات*
عبد الحاج حمود الكناني
الاثنين 05-05-2014
 تيسر لي الحصول على اعداد من مجلة الجزيرة التي اصدرها نادي الجزيرة بالموصل (لعام 1946) ومن بينها الاعداد الاولى، ومنها العدد الرابع في سنتها الاولى، وهي مجلة شهرية  تبحث في العلم والادب والفن مديرها المسؤول ضياء الدين المحامي..
وبغية الفائدة لمعرفة ما يدور من هموم ثقافية اقدم قراءة لهذا العدد فنلمس فخامة الموضوعات التي نشرت فيه واحتواءها وجودتها على الرغم مما جاء في الاشارة بان المجلة يحررها نخبة من الشباب.
فقد كتب افتتاحية العدد (عضة الدهر - حاضر قلق) كاتب عرف نفسه باسم (اديب)، اشار فيها الى هموم الامة ومعاناتها وحاضرها القلق بقوله :ان ترامي نكبات الدهر على هذه الامة في العصور الماضية وتلاحق مصائبه ونكباته السود ستجعل منها امة لا تموت... امة تصوغ مجدها بيدها في حاضرها وبواسطة ماضيها اذ لا يمكن فصلها عنه بحال من الاحوال... امة تتدرع بالصبر وتستمسك بعرى الاخوة لغلبة الهوان وتمتعهم بالاناة الحكيمة.. فيا ابناء الوادي الرحيب... ليكن عزمكم لاجل البلاد قويا ودهاؤكم في سبيل اسعاد الوطن سديدا، فما على السالك طريق النجاة الا الثقة بالنفس والاعتماد على الخلق الكريم وعدم النكوص والتردد..
وجاء بقلم (مؤرخ فاضل) موضوع (الكردينال اوجين اتسران) والذي يتحدث عن مراحل دخول المسيحية الى اسيا الوسطى الذي اخذ بالتوسع والامتداد منذ سنة (1007م) في منغوليا الشمالية حتى بلغ عددهم (200) الف في القرن الثاني عشر الميلادي. وتضمن مقالة معلومة مهمة عن جنكيز خان وعلاقته بالنصارى وميله لهم واحسانه عليهم. وترجم الدكتور سعد الدين محرم قصيدة الشاعر الاسباني الكبير فيلا سبازا (ذكريات اليفة). والقى الكاتب اسماعيل فرج الاضواء على احد اعلام الموصل وهو الصحابي عمرو بن الحمق الخزاعي، وهو عمرو بن الحمق بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب بن عمرو الخزاعي الكعبي، والذي قال عنه الحموي في معجم البلدان بانه صحابي وهو الذي صاحب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وحفظ عنه احاديث عديدة.
وكان يعد من حواري امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) وكان منه بمنزلة سلمان من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، وشهد معه مشاهده كلها: الجمل وصفين والنهروان.
وكتب ذو النون شهاب صورة وصفية سريعة للاستاذ الجليل امين الخولي، الاديب المتمكن من طائفة كبيرة من علوم اللغة العربية تمكنا اهله لابتكارات عظيمة فيها شغلت جمعا محترما من العلماء والادباء.
والذي عده بارع الاسلوب في كتابه وحديثه فلا يكاد القارئ يستوعب افكاره في جملتها الا ان كان متفرغا طوال حياته لدرس دقائق ذلك الموضوع.
وهو يبحث ويعمل جاهدا لفكرة علمية نبيلة لذا لا عجب ان رأيناه مجهولا بين الرأي العام بعض الجهل لانه لا يتدنى بافكاره اليهم بل يريدهم ان يجدوا ويتعمقوا حتى يقرأوه، فاذا فهموه فانهم سيحبونه كل الحب ويجلونه الاجلال الكبير.
وفي رياض الشعر كانت هناك قصيدة للشاعر انور خليل بعنوان (نار) اهداها الى روح الفتاة التي ماتت محترقة جراء انفجار (البريمس) النفطي بوجهها هي في عمر البدر وكان مطلعها:
ياليت نارك يا فؤادي     قد حولته الى رماد!!
حتام تخفق كالجريح      بلا رجاء او ضماد
لك كل يوم موتة         فيها عذابك بازدياد
وقصيدة كتبها مدرس اللغة العربية في ثانوية السليمانية بعنوان (صبر).. من ابياتها:
ولما اناخ الياس في القلب رحلة
      وضاعت اماني الحب في الناي والصد
تمسكت بالصبر الجميل لعلني
    ارى فيه ما يشفي فؤادي من الوجد
وفي باب الكتب نشر عرض لكتاب (رأي في ابي علاء المعري) للاستاذ امين الخولي نقتطف منه:
وعلى هذا النهج السديد المسدد للخطى سار الاستاذ امين الخولي في كتابه (رأي في ابي العلاء) باحثا عن (الرجل الذي وجد نفسه) ذلك الحكيم الذي شغل الباحثين ردحا من الزمن مديدا.. ويشهد البحث الصادق والتفكير المنطقي انه اوفى موضوعه حقه بتلك الدراسة الجامعية التي نعدها فتحا مبتكرا موفقا للبحث في اداب اللغة العربية. فهو بعمله هذا قد وضع الخطة لمدرسة (الامناء) ولمن يهدف الى غاياتهم البعيدة المتقصية، واوجد لنا تلك الدراسة الممتعة بعد ذلك الجهد الذي عاناه في بحثه وتنقيبه لتفهم الشخصية التي يكتب عنها.. ولكم كانت مقدمة ممتعة لانها مفيدة كل الفائدة، وكم كانت مواضيعه التي طرقها فيه شيقة لانها مستمدة من الخبرة الطويلة والاناة فيما يكتب، ذلك لانه يعني كل ما كان يقول.
وحول العدد الرابع من هذه المجلة الرائدة موضوعات اخرى من بينها مناقشة كتاب الشاعر محمد مهدي البصير (خصائص العراق في القرن التاسع عشر)، حيث ثبت المناقش للكتاب موقفه من الكتاب الذي رأى فيه الشيء القليل الذي لا يقنع المؤرخ ولا يفي بمرام الباحث عن تلك الخصائص.
وعاب عليها ان يقول ان (العراق مدين بنهضة ادبية في القرن المنصرم) الى الولاة العثمانيين (ويقصد المؤلف) الولاة داود باشا وعلي رضاء باشا بتشجيعهما لبعض الادباء. فضلا عن قصائد اخرى ومتابعات وابواب وكتب في العدد الخامس مؤرخ الموصل الكبير سعيد الديوه جي مقالا تعقيبيا على مقال الكاتب اسماعيل فرج عن (عمرو بن الحمق الخزاعي) ومكانه واللبس الحاصل في دقة المكان، مستندا الى ما جاء في كتب الاقدمين من كتب الرحالة والمؤرخين والبلدانيين.
كذلك لفت مقال الاستاذ اسماعيل فرج عن (ابن الحمق الخزاعي) نظر الدكتور مصطفى جواد، فكتب رسالة الى المجلة وتعقيباً حمل عنوان (تتمة وتنبيه في التاريخ) بين فيه مكان القبر استنادا الى بعض الدلائل التاريخية وكتب الشاعر حازم سعيد قصيدة جميلة بعنوان (شاعر يحتضر)..
وكتب المدرس في المتوسطة الغربية عبد الرزاق الشماع مقالا بعنوان (العلوم عند اخوان الصفا).
وحفل العدد بالترجمات للشعر والقصة وقصائد اخرى لشعراء معروفين علاوة على متابعات ومواد اخرى.
وفي العدد السابع عشر ظهرت  اسماء مهمة في الادب العراقي فيما بعد من بينهم الروائي العراقي الكبير غانم الدباغ حيث كتب قصة (المخبول).
وفي رياض الشعر كتب الشاعر كاظم السماوي قصيدة فصحى بعنوان (تحرق)، وكتب الشاعر صالح جواد الطعمة قصيدة (القلب الكبير):
منها:
يا خليلي في همومي هذه انك حائر هذه الحان من بات الليالي وهو ساهر وكتب المؤرخ الاردني روكسي العزيزي (شظايا قلب).
وترجم الاستاذ يوسف يعقوب حداد قصة ماري كوريل (الاشارة). وكتب ايضا في العدد المؤرخ سعيد الديوه جي والشاعر حازم سعيد. فضلا عن مقالات ومتابعات تضمنها العدد..
اما العدد الحادي والعشرون فقد حوى المواد والمواضيع الاتية : مستقبل الادب العربي لمحمد روزنامجي والادب في شهر لمحمود العبطة، وقصة (ضمان الحياة) لمير بصري وقصيدة حياتي لانور خليل، وكتاب الطبيخ لمحمود الملاح، واندريه جيد لنعيم قطان. وتعقيبات لروكس العزيزي، وكتابات لخيري العمري واسماعيل فرج وذوالنون شهاب وصديق الدملوجي وفؤاد الونداوي.
ومن الاسماء الجديدة التي ضمها العدد الثاني والعشرين، الشاعر عبد القادر رشيد الناصري وعبد الستار عباس وفيصل نجم الدين ومحمود الجلبي ومحمد واصل الظاهر الى جانب محمد روزنامجي ومحمود العبطة وغانم الدباغ وصالح جواد الطعمة ومحمود الملاح. وتوزعت مواد هذا العدد بين الشعر والقصة والنقد والمقالة والابواب الاخرى.
وفي العدد الرابع والعشرين كانت هناك قصيدة الهاجر المضني لحازم سعيد وقصة البرهان ترجمة غانم الدباغ وموضوعات (عشائر العراق  الكوردية) لصديق الدملوجي، وملخص لتاريخ علم الجبر لمحمد واصل الظاهر...
هذه قراءة موجزة لاعداد هذه المجلة الرائدة وذات الشخصية المميزة بين المجلات الثقافية لانها كانت مجلة عراقية قبل ان تكون (مجلة موصلية) بدلالة الموضوعات التي نشرت فيها، والاسماء التي عكست التنوع الثقافي العراقي. ونامل ان نكون قد وفقنا في القاء الاضواء عليها وتعريف القارئ والمتابع والمثقف بها وبدورها الثقافي المهم وما قامت به من خلال اهتمامها بالموضاعات التي تلامس الوجع العراقي والهموم المشتركة لطوائفه وشرائحه ومكوناته.

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين

  كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل  لا ابالغ اذا قلت انه من ال...