الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

طريق هاملتون الاستراتيجي في كردستان العراق ا.د.ابراهيم خليل العلاف

طريق هاملتون الاستراتيجي في كردستان العراق
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
طريق هاملتون الاستراتيجي في كردستان العراق ، كان وراءه مهندس نيوزليندي من مواليد مدينة وايمان سنة 1898 إسمه (آرشيا مايلن هاملتون ) A.M.HAMILTON .. والذي ألف كتابا رائعا عنوانه :" طريق في كردستان " ترجمه الى اللغة العربية الاستاذ جرجيس فتح الله ونشرته شركة دار العروبة العالمية للنشر والتوزيع وطبع في مطبعة دار الجاحظ ببغداد سنة 1973 ضمن كتاب التآخي .والكتاب بالانكليزية :
Road Throuth Kurdistan
وطريق كردستان ، طريق عظيم شق وسط الوديان والجبال الصخرية والهضاب والنجاد بين سنتي 1928-1932 ويمتد من اربيل وينتهي بهضبة ايران عند حاجي عمران على الحدود العراقية - الايرانية .. ويعد من المآثر الهندسية الرائعة اذ انه يقطع مضيقي راوندوز وبرسريني وكما يقول اللواء ه. راون .روبنسون H.Rouan Robinson
:" فإن المستر هاملتون لم يزود الا بمعدات بسيطة وكان الاوربي الوحيد بين عماله فإضطر الى تلقين أصول نسف الجبال وتفجيرهالا وفنون شق الطرق لمن عمل معه من العمال وعلى عاتقه وحده وقعت مهمة سبر غور الوديان وقياس اعماقها السحيقة المهولة ليجد له مثابة اليها ويعين منها نقاطا يسهل عبورها وقد أشرف بنفسه على العمل وادارة شؤونه ووقف على اطعام عماله وصرف اجورهم بيده وطوال خمس سنين بين قيظ الصيف اللاهب وعواصف ثلج الشتاء الكاسحة حتى أنجز عمله العظيم ..." .ومن الطريف ان افرادا من عائلة المهندس هاملتون وهم : إبنته السيدة جانيت وزوجها رونالد وحفيديه (كوردن واليستا) زاروا قضاء رواندوز، سنة 2009، وفي تصريح لهم لوسائل الاعلام قال احفاد المهندس هاملتون انهم قدموا الى اقليم كوردستان العراق ليشاهدوا المشروع الاستراتيجي الذي أنجزه جدهم قبل حوالي سبعين عاما .
كان هاملتون يفخر بأن عماله كانوا من الاكراد والعرب والاثوريين ، ولم تكن الاوضاع انذاك مستقرة من الناحيتين السياسية والامنية لكن اللواء روبنسن الذي كتب مقدمة للكتاب بطبعته الانكليزية يقول انه وجد الوئام بين العمال وبين الناس لايتعرض احد لاحد بسوء .
إبتدأ هاملتون كتابه :"طريق كردستان " بالحديث عن بلاد النزاع الابدي ويقصد العراق ويقول عن بغداد انه زارها مرات عديدة ويرى بأن لها عظمة مهيبة ..كانت لديه سيارة شفروليت، وانه قدمها في شهر كانون الثاني سنة 1928 ملتحقا بمديرية الاشغال العامة العراقية واول منصب اسند له هو المهندس الاول لمنطقة اشغال الديوانية .يقف عند الديوانية فيصفها ويتحدث عن ذكرياته فيها كما يتطرق الى مشاكل الحدود مع السعودية وغارات الوهابيين بقيادة فيصل الدويش .
ثم يفرد فصلا عن سفره وتوجهه نحو شمال العراق وانشغل بوضع تصاميم الطرق التي قررت دائرته دائرة الاشغال العامة العراقية تنفيذها هناك والتي عرفت فيما بعد بطريق هاملتون وتعرف على الصحفي الكردي الاستاذ حسين حزني موكرياني وقد تحدث عنه وعن مطبعته وجريدته:" زاري كرمانجي " بإعجاب .
ويبدأ العمل في شق الطريق ونرى هاملتون يتحدث بتفصيل شديد عن كل خطوة ويبرز العقبات التي اعترضته وعن بلوغ هدفه وتسليمه وظيفته لبديله العراقي المهندس الاستاذ احمد شوقي الحسيني مدير الاشغال العامة فيما بعد وعم صديقنا الاستاذ ياسين الحسيني، ومرت السنة 1933 وعاد الى انكلترا .يقول في نهاية الكتاب انه عندما عاد الى انكلترا راح مثل مئات غيره من ابناء المهنة ينقب في شارع فكتوريا كعبة المهندسين عن دنيا جديدة يفتحها او بعبارة اخرى يبحث عن عمل ولم يكن الطلب شديدا على بنائي الطرق الكردية في السنة 1933 سنة الكساد الاقتصادي .
لكن - وفي غمرة القلق والتعب اليومي وفي ضجيج سيارات لندن وصخبها - ظل العراق ومشاكله عند هاملتون ذكرى عابرة لحياة مضت .
في 5 نيسان سنة 1967 ترك هاملتون القلم بعد ان انتهى من رواية تجربته في شق الطرق الاستراتيجية التي صممها ونفذها في كردستان العراق .
ومن الطريف انه ومنذ ان انتهى من كتابة آخر كلمة في سفره الجميل نصح العراقيين ان لايحتكموا الى السلاح والرصاص بل الى الكلمة والعمل من اجل الوطن .يقول ان احد الوزراء العراقيين قال له وهو يرحب به عندما جاء مستشار في مجلس الاعمار العراقي ببغداد في سنة 1956 -1957 بعد غياب دام 24 سنة :"لو كان في مقدورنا اتباع مشورتك بنسيان خصوماتنا لكان في مقدورنا ان نعود ذلك الشعب العظيم الذي كناه .وعقب هاملتون على ذلك قائلا ان من عوائد النفط العراقية التي بلغت 150 مليون استرليني سنويا ،أنفق 600 مليون استرليني لتسليح القوى البرية والجوية التي دفعت الى حروب لاطائل من وراءها وما اشبه اليوم بالبارحة .
بفي ان انحاز الى ماقاله المهندس هاملتون عن الموصل والموصليين فلقد قال في مقدمة الطبعة العربية لكتابه :" إن لدي رسالة خاصة للموصليين ...فقد وجدت الموصليين أذكى العراقيين وأكفأهم أكاديميا وهم من أبرع الاداريين ومدينتهم كانت وما زات مدينة تجارية منذ قرون سحيقة او منذ ايام نينوى المجاورة لها وهي حقبة من الزمن طويلة " .

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم دكتور .. كنت املك نسخة ورقية من الكتاب ولكنني فقدتها ... هل توجد نسخة الكترونية مرفوعة على النت ولكم جزيل الشكر والاحترام

    ردحذف
  2. احسنت ممکن خاریطة الطریق هاملتون جزاک الله خیرا

    ردحذف

بيوت في ذلك الزقاق ...............فيلم عراقي مهم

  بيوت في ذلك الزقاق ...............فيلم عراقي مهم - ابراهيم العلاف وفي إطار التوثيق للسينما العراقية المعاصرة ، ثمة أفلام تنتمي الى الواقع...