الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

صفحة من مذكراتي :جني العمر :سيرة وذكريات ....ابراهيم خليل العلاف مدرستي أبي تمام الابتدائية

صفحة من مذكراتي :جني العمر :سيرة وذكريات ....ابراهيم خليل العلاف
مدرستي أبي تمام الابتدائية :
مما أتذكره ان خالي ادريس حامد عبد الرحمن الطائي هو الذي أخذني الى مدرسة ابي تمام الابتدائية ، وكانت قريبة من دارنا في رأس الكور وموقعها قريب من منطقة اقليعات وهي أعلى منطقة في الموصل القديمة وتطل على الضفة اليمنى من نهر دجلة الخالد .سجلني خالي في المدرسة بعد ان اظهر دفتر نفوسي وقد داومت في تلك المدرسة لفترة قصيرة أقصد في بنايتها هذه التي كنا نصعد اليها بقرابة 40 درجة عريضة وكان باب المدرسة كبيرا جدا واغلب الظن ان البناية تعود الى العهد العثماني وكانت صفوف المدرسة في الجانب الايمن من المدرسة في حين كانت غرفة المدير والمعاون والمعلمين في الجانب الايسر .وتوجد في وسط المدرسة ساحة كبيرة جدا تتم فيها كل فعاليات ونشاطات المدرسة واولها فعالية " تحية العلم " يوم الخميس حيث يلقي مدير المدرسة كلمة توجيهية ولم تمض الافترة قصيرة حتى انتقلت مدرستنا الى بناية اخرى في " محلة عبدو خوب " ، وعند بيوت ال توحلة و" الطوالب " أي ال الطالب ويبدو ان البناية الجديدة كانت عبارة عن دار كبيرة تعود الى الحاج جاسم محمد علي ال توحلة وبابها خشبي كبير وندلف اليها عبر مدخل طويل ثم تأتي الساحة الكبيرة وحولها الصفوف والى جانبها ساحة اخرى للنشاطات الرياضية وكان مدير مدرستنا الحاج محمد ألنعيمي وكان ولده أيمن من زملائي في المدرسة ، وكان الحاج الاستاذ محمد النعيمي رحمه الله يتمتع بشخصية قوية وادارة حازمة وكنا نحترمه وانا شخصيا أحببته ، وأعجبت به خاصة وان ولده ايمن كما قلت كان صديقي .. وبعده تولى الإدارة الحاج المربي عز الدين المختار وكان ولده سعد صديقي وقد نال فيما بعد الدكتوراه وأصبح أستاذا ورئيسا لقسم الكيمياء في كلية العلوم بجامعة الموصل .ومن معلمي مدرستنا الأساتذة محمد إسماعيل، وغصوب الشيخ عبار، وغانم ذنون، وزيدان كركجة، وفرج عبد الأحد سيبا ،وإبراهيم بطرس ابراهيم(1903 – 1962 ) .وقد عرفت فيما بعد ان الاستاذ ابراهيم بطرس ابراهيم كان كاتبا ومترجما وقد وثق له الاستاذ حميد المطبعي في موسوعته :"موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين " فقال بأنه نشر العديد من مقالاته الاجتماعية والاخلاقية في مجلتي "النجم " و" النور " .وله مؤلفات ومترجمات مطبوعة منها "أربع محاضرات تاريخية " وهو كتاب مترجم 1949 وله كتاب مترجم اخر عنوانه " العصر الذري " 1954 وله كتاب اخر بعنوان : " كيف تختار لك مسلكا ناجحا " 1958 وقصة مترجمة بعنوان : " بلاد العميان " طبعت بدون تاريخ . ولازلت اتذكر بأنه كان اعرجا . ومن الامور التي افادنا بها عند تدريسه لنا اللغة الانكليزية انه كان يطبق ما يعلمنا اياه تطبيقا عمليا فعلى سبيل المثال كان يذرع الصف ذهابا وجيئا ليعلمنا اليسار واليمين في الحركة .وقد احببت ذلك المعلم وظلت علاقته به متواصلة حتى انتقاله من الموصل على ما اظن ثم وفاته .وهنا اود القول ان المعلمين الذين ذكرتهم لم يكونوا معلمين تقليديين بل كانوا مدارس قائمة بذاتها ..كانوا كتلة من الحيوية، والاخلاص ،والمعرفة، والصدق ..كنت اجدهم مربين من الدرجة الاولى. واود ان اشير الى انني هربت يوما من الزقاق في محلتي رأس الكور ،وكان يوم عطلة ، عندما شاهدت معلم اللغة الانكليزية الاستاذ فرج عبد الاحد سيبا (فرسيبا كما يسميه التلاميذ حينذاك ) يمر في الشارع ومع هذا فأنه رأني وجاء يوم السبت ليرسل في طلبي ويسألني لماذا كنت في الزقاق يوم الجمعة ؟ لم اكن اشعر بان واحدا من اولئك المعلمين كان قاسيا مع التلاميذ وحتى معلم اللغة العربية الاستاذ محمد اسماعيل (وكان يعرف أبو جاسم ) ،والذي يبدو وكأنه كان معروفا بالقسوة، الا انني كنت أجد قسوته في محلها،فالتلميذ الذي يقرأ في مادة القراءة موضوعا ويخطأ في قراءته كان المعلم يكلفه بكتابة الموضوع عشرين مرة ويقول له اذا لم يتوفر لديك الورق الكافي فأنا مستعد لتزويدك بما تحتاجه وعندما يأتي التلميذ وقد أنجز الواجب يقوم المعلم بأخذ الواجب وتمزيقه ووضع ما مزق في سلة المهملات، وعندما نسأله لماذا يفعل ذلك يقول ان الهدف قد تحقق فالتلميذ اصبح يخشى ان يخطأ باللغة العربية ويقرأ بشكل صحيح. كما أن خطه(ويعرف بالمشق انذاك ) سيصبح بمرور الزمن جميلا وقويا والخط الجميل- كما يقول الامام علي بن ابي طالب عليه السلام- يزيد الحق وضوحا . هكذا كان المعلمون مربين ويهتمون بتدريب تلاميذهم وتقوية ملكاتهم واشعارهم بالاهمية في المجتمع وهذا بدون شك يسهم اسهاما فاعلا في تكوين شخصياتهم في قابل الايام . وفي المدرسة تفتح ذهني على القراءة وكان لمعلم اللغة العربية الأستاذ محمد إسماعيل دور في تنمية الرغبة عندي للقراءة ومن ذلك انه كان يكلفني باستنساخ موضوعات يختارها من الكتب وقد تعلمت الكثير من هذه الوسيلة فلأول مرة عرفت ابن بطوطة ،وأبي تمام، والمتنبي ،وابن خلدون ،وتشارلز ديكنز وأنا لما أزل تلميذا في المدرسة الابتدائية . من المعلمين الذين علموني كذلك في مدرسة ابي تمام الاستاذ ابراهيم بطرس ابراهيم وقد درسني الانكليزية والاستاذ زيدان كركجة وقد درسني الحساب والاستاذ مصطفى حسين وقد درسني الجغرافية ، والاستاذ ذنون يونس وقد درسني الاشياء.وهنا نسيت أن اذكر بأن جدي أدخلني قبل أن التحق بالمدرسة الابتدائية في كتاب الملا إسماعيل في جامع عبد الله المكي بشارع المكاوي القريب من بيتنا وفي الكتاب (الملا ) تعلمت شيئا من القران الكريم والقراءة والحساب .
كان الدوام في المدرسة يبدأ في الساعة الثامنة صباحا وينتهي عند الساعة الثانية عشرة ظهرا ونتلقى في هذه الفترة اربعة دروس ثم نذهب الى البيت للغداء والراحة ونعود الى المدرسة في الساعة الثانية بعد الظهر لنأخذ درسين وحتى الساعة الرابعة عصرا ..كان يوما دراسيا كاملا يمارس فيه التلاميذ الفعاليات الرياضية والفنية والثقافية بأفضل ما يكون . كان من زملائي في الابتدائية خالد علي محو وحكمت نجم وحازم ابراهيم وأكرم طه الخشاب وأخيه حازم وسعد عز الدين المختار وهيثم اسماعيل عباوي وعلي حامد الراوي .
*شكرا للصديق الدكتور علي نجم عيسى على الصورة فهي لباب مدرستي ابي تمام في عبدو خوب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين

  كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل  لا ابالغ اذا قلت انه من ال...