الجمعة، 3 أكتوبر 2014

"أهمية التعددية وتأثيرها في تنمية النشاطات الرياضية وافكار المحبة والتسامح والسلام " : ا.د.ابراهيم خليل العلاف

"أهمية التعددية وتأثيرها في تنمية النشاطات الرياضية  وافكار المحبة والتسامح والسلام " :
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
لعل من ابرز مظاهر الحضارة العربية والإسلامية ،هذا التعدد والتنوع ضمن الوحدة، والذي كان وراء ازدهار تلك الحضارة، واكتسابها بعدا إنسانيا واضح المعالم .. وما كان لهذه الحضارة أن تكون لولا مبادئ التسامح ،والمحبة ، والإخلاص ،والدقة، والمرونة، والصدق الذي تميزت به .
وللأسف الشديد، فأننا اليوم ، وفي عصرنا الحاضر هذا قد غادرنا الكثير من تلك الصفات، فبتنا معروفين بالتعصب ،متشبثين بالفكر الواحد.. وأصبحنا غير متسامحين ليس مع غيرنا وإنما مع بعضنا البعض .
إن أية مراجعة منصفة لتاريخنا ..تكشف بان العرب حتى في عصورهم ماقبل الإسلام ،وبعد الإسلام ،كانوا امة متفتحة، زادهم الإسلام تفتحا من خلال تأكيده على أهمية الركون إلى الكلمة الطيبة الصادقة ، والعقل ،والحكمة ،والموعظة الحسنة ، والجدل بالتي هي أحسن .فضلا عن التحلي بالإيمان، والاستقامة، ومكارم الأخلاق .
ومن المؤكد أن هذه الفكرة ، وهذه الدعوة، وهذا التأكيد على التنوع ،وجد له صدى في تعددية المذاهب والملل والنحل .كما أن كل الاتجاهات والرؤى توضح - وبدون أدنى شك - أن الاختلاف رحمة والتعددية ثقافة ..لابد من تنميتها ،منذ الصغر . ولابد أن نعمل جميعا من اجل زراعة الثقة بين بعضنا البعض .ليكن لكل واحد منا دينه ،وليكن لكل واحد منا مذهبه ،ولتكن لكل واحد منا قوميته ،وليؤمن كل واحد منا بآرائه السياسية وتوجهاته الاقتصادية ..ولكن ليحترم بعضنا بعضا .
التعددية ثقافة، وسلوك.. والثقافة والسلوك يحتاجان إلى تربية ،وتنمية، وتطوير .يقول الفيلسوف الفرنسي المعروف فولتير : "أنا أخالفك الرأي ..لكني مستعد لان أموت من أجل أن تعبر عن رأيك " وقبله قال الإمام الشافعي رضي الله عنه بوقت طويل : "رأيك صواب يحتمل الخطأ ..ورأيي خطأ يحتمل الصواب " أي اعتراف بالتعددية هذا ؟!.. وأي احترام للرأي هذا ؟!..وأية روحية طيبة هذه ؟! .انها ثقافة التعدد، وتعددية الثقافة .إنها احترام الإنسان.. واحترام رأيه مهما كان مختلفا عن ما نعتقده وما نراه .
الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان، وجعل الإنسان في أحسن تقويم.. فلماذا يأتي البشر ليحتقر الإنسان، ويذل الإنسان ،ويلغي حق الإنسان في أن يأخذ دوره في الحياة ،ويعبر عن معتقده ، ومذهبه، ودينه، ورأيه بحرية لاتتنافى مع القيم السائدة ،والمتعارف عليها في كل مجتمع ؟! .
ويأتي الآن دور الرياضة في تنمية ثقافة التعددية واحترام الآخر .لقد تعارفنا جميعا على أن نقول بأن الموسيقى ثقافة عالمية .. أو بعبارة أدق لغة عالمية .قد نسمع سيمفونية موزارت ، وموسيقى جايكوفسكي ،ونتأمل تماثيل مايكل انجيلو ، ونطرب لام كلثوم ، ونتلذذ بالمقام العراقي ،ونعجب بغناء أديث بياف وفيروز . وطالما كانت الموسيقى هي لغة موحدة بين الشعوب .. إذا ليس ثمة فرق في الفهم بين البشر . وكذلك الرياضة أنها اللغة الواحدة الموحدة التي تجمع بين الشعوب على مختلف ألوانها ، وجنسياتها ، ومواقعها .هذا لاعب كرة أرجنتيني نحبه ..وتلك بطلة ساحة وميدان روسية نفرح عندما تفوز ..وذاك بطل للسباحة مصري نصفق له.. ورابع لاعب كرة سلة أميركي نحب أن نتفرج على اللعبة من أجله .
الرياضة بكل أنواعها .. تنمي الإنسان فكرا ،وجسدا ..تنمي عقله وقلبه .تنمي لديه الإحساس بالبطولة والتميز والتنافس الشريف ..تنمي عنده ثقافة احترام الآخر ..تنمي عنده ثقافة التعددية.. والإيمان بالاختلاف الذي هو رحمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بيوت في ذلك الزقاق ...............فيلم عراقي مهم

  بيوت في ذلك الزقاق ...............فيلم عراقي مهم - ابراهيم العلاف وفي إطار التوثيق للسينما العراقية المعاصرة ، ثمة أفلام تنتمي الى الواقع...