الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

تاريخ جامع الباشا في الموصل ا.د. ابراهيم خليل العلاف

جامع الباشا بعدسة الاستاذ رائد الجليلي   
                                                  حسابات التعميرات لجامع الباشا - ارشيف سعود الجليلي
                                              جامع الباشا 2021 بعدسة الفوتوغرافي الاستاذ سعد هادي
                                               قبة ومنارة جامع الباشا في الاربعينات ارشيف ابراهيم العلاف
                                                                               جامع الباشا 

 تاريخ جامع الباشا في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

وجامع الباشا في الجانب الايمن من مدينة الموصل القديمة  ،هو جامع الحاج حسين باشا الجليلي قائد المقاومة الموصلية والدفاع عن الموصل خلال حصار نادرشاه لها سنة 1743 ميلادية بربع مليون مقاتل وبقرابة اربعين  يوما ( ايلول – تشرين الاول 1743 ) . ويقع جامع الباشا وفيه قبر الحاج حسين باشا الجليلي والي الموصل في سوق السراي ولايزال شامخا حتى كتابتي لهذه السطور والحمد لله .

ومما يجب علي ذكره ، انني كتبت اكثر من مرة عن الجامع . كما ان الاخ سعود محمد الجليلي كتب عن تعميره مع مدرسته .ولابد من التأكيد على ان شيخنا الاستاذ سعيد الديوه جي كتب عنه في كتابه ( جوامع الموصل) والذي طبع في مطبعة شفيق ببغداد سنة 1963 ، واعيد طبعه مؤخرا من قبل ولده الاستاذ الدكتور أُبي .

ومما ذُكر عن الجامع انه يقع في (السوق الكبير) و(السوق الكبير) هو (سوق باب السراي) الذي يتوسط المدينة القديمة وكان الحاج حسين باشا الجليلي والي الموصل قد أمر ولده الوزير محمد أمين باشا ببناء جامع كبير الى جانب الجامع الذي بناه الجليليون قبل توليهم حكم الموصل سنة 1726 وهو ( جامع الاغوات)  في باب الجسر ، وكان انشاء جامع الباشا سنة 1169 هجرية – 1756 ميلادية .

وقد أرخ المؤرخ الموصلي الكبير ياسين العمري في كتابه (الدر المكنون في المآثر الماضية من القرون) وهو من مؤرخي الموصل في القرن 19 الميلادي لجامع الباشا ، فقال في ذكره لحوادث سنة 1169 هجرية  1756 ميلادية انه في هذه السنة ابتدأ محمد امين باشا الجليلي بعمارة الجامع جامع الباشا استجابة لوصية والده ولما تم العمل اوقف عليه املاكا وفرشه بالبسط وجعل فيه مرقدا له وبنى فيه مدرسة  وهي التي سميت ب (المدرسة الامينية )  ، واول من درس في هذه المدرسة هو الملا  احمد الجميلي العالم المشهور.  كما درس فيها الشيخ موسى الحدادي ، والملا جرجيس الاربيلي ، والشيخ يوسف الواعظ ، والشيخ عبد الله باشعالم العمري ، والحاج يونس المفتي  وولده محمد ، والشيخ محمد علي بن حسن الخليفة ، والشيخ عز الدين بن محمد علي الخليفة وكانت المدرسة تضم خزانة فيها كتب ومخطوطات قيمة .  كما أمر ان تطبخ فيه الشوربة وتوزع للفقراء وكان هذا عندما مرت الموصل بضائقة الغلاء ، وكتب على شباك المصلى :"امر بعمارة هذا الجامع الشريف والمسجد المبارك المنيف صاحب الخيرات والفضائل ، زبدة الوزراء الاماثل حضرة الدستور الاكرم المشير الافخم الحاج حسين باشا ونجله الشهاب الثاقب والرأي الصائب الامير الكبير عديم المثيل والنظير محمد امين باشا أحبه الله ورسوله سنة 1169

يقول الاستاذ سعود الجليلي في مقال له  عن تعميرات الجامع ، ان  الناس سموه (جامع الخبازين ) وذلك لوقوعه في سوق الخبازين . وقد ادركت انا  كاتب هذه السطور في الاربعينات عددا من الخبازين يجلسون امام باب الجامع ، ويبيعون الخبز  خاصة في يوم الجمعة ، ولم تكن ( دكة الخبازين)  في سوق السراي بعيدة عن الجامع
.
وفي سنة 1192 هجرية -   1778 ميلادية جدد سليمان باشا ابن الغازي محمد أمين باشا مدرسة الجامع وانشأ كذلك محلاً جديداً للكتب وأوقف لها كتبا كثيرة ثمينة ومكتوب على باب غرفة المكتبة هذه الأبيات :

سليمان طوعاً شاد للعلم قبة *** تسامت لها فوق السماكين أركان
حوت من فنون العلم كتباً جليلة *** أزال بها غي الجهالة عرفان
فمنذ فاز في إنشائها قلت مؤرخاً *** لإنشاء محل الكتب فاز سليمان

سنة 1192 هجرية-1778 ميلادية

وهذا تاريخ آخر منقوش على غرفة الكتب وهو :

هلم مريد العلم نحو محله *** فقد شاده الفرد الوزير ونجداً
وأوقف كتباً للذي العلم دأبه *** يزيح بها العرفان عن قلبه الصدأ
على بابه التوفيق نادى مؤرخاً *** سليمان بيت العلم ينشيه بالهدى
سنة 1192 هجرية-1778 م

وفي الجامع مدفن خاص للواقفين ، ويقع على يمين أروقة الجامع مدفون فيه كل من :

1.  الحاج حسين باشا ابن إسماعيل باشا
2. الغازي محمد أمين باشا ابن الحاج حسين باشا
3. سليمان باشا ابن الغازي محمد أمين باشا
4. الحاج عثمان بك ألحيائي ابن سليمان بشا
5.  محمد أمين باشا ابن الحاج عثمان بك ألحيائي ابن سليمان باشا .

وفي الجامع أيضا (منارة)  عالية أنشأها الغازي محمد أمين باشا وقال عثمان أفندي العمري مؤرخا عمارتها :

لقد شاد الأمين أبو المعالي *** لوجه الله ذي الخيرات عمّر
فشاد منارة كعروس بكر *** وزيّنها فحازت كل مفخر
فخذ في وصفها تاريخ زاهٍ *** تعالى شأنه الله اكبر
سنة 1169 هجرية-- 1756 ميلادية

وللقمان أفندي العمري الدفتري مؤرخا بناء الجامع وكان تمام إنشائه في ذي الحجة سنة 1169 هجرية

إن الوزير حسين ذو القدر الذي *** بهر العقول وفضله متتابع
وأبو المكارم نجله أسد الثرى *** هذا الأمين حسام فضل قاطع
قد عمرا لله خير عمارة *** فنوالهم في قطر شائع
أكرم به من مسجد قد أسست *** فيه التقاؤه وهو نور ساطع
كتبت لهم جنات عدن فيه إذ *** قد شيدوه فللمجرة طالع
بشرى لهم إذ قد تكامل مجدهم *** وعلت مآثرهم وهن طالع
قد قيل بعد تمامه ارخه كي *** جمع المحامد كلها ذا الجامع
سنة 1169 هجرية
وقد أعيد ترميم الجامع مرة أخرى في خمسينات القرن الماضي زمن محمود توفيق بك ألجليلي ، ومحمد بك بن الحاج أمين بك ألجليلي . وقد قاموا بهدم القبة القديمة وعمل قبة جديدة تعد من اكبر القباب في الموصل قام بتصميمها المهندس نعمان بك بن الحاج أمين بك ألجليلي .
نعم الجامع جدد اكثر من مرة ،  وقد تعرض خلال سيطرة عناصر داعش 2014  وحرب تحرير الموصل 2017 الى بعض التدمير وعمر وافتتح باحتفال رسمي يوم الرابع من ايار – مايس سنة 2019 .

وفي الجامع ( مصلى)  جميل جددت عمارته اكثر من مرة و( قبة المصلى) ،  من القباب الجميلة في الموصل واعيد بناؤها بسبب تصدعها وامام المصلى اروقة واسعة من الجهة الغربية وفي صدر (رواقات ) المصلى ابيات تؤرخ بناؤها سنة 1756 ميلادية أي قبل (266 ) سنة .وفي فناء (حوش) الجامع حوض كبير من المرمر الاسمر وهو الحلان وهو مكان للوضوء يسمى ( الميضأة) ويأتي الماء الى هذه الميضأة من ناعورة تقع في الجهة الشمالية الشرقية من الجامع قرب الباب الصغير وفوق الحوص قبة جميلة تستند على دعامات رخامية مكتوب حولها الابيات التالية وهي للشاعر السيد شهاب الدين المليسي العلوي :

لله شاذروان ماء قذفه *** قسرا يسامي السبعه السياره

ويكاد يشرب منه في جو السما  *** ء جناح طيوره الطيارة

يجري اليه الماء من ناعورة *** ابدا على الف لها دواره

نهر المجرة سائل مما جرى *** من حوضه وعيونه غواره

انشأه يونس ذو الفيوضات التي *** طفحت على فيض البحار غراره

والقصيدة طويلة تتألف من ( 12) بيتا

وفي الجامع (منارة ) مبنية من الحلان  تقع في غربي الجامع قرب الباب الكبير المؤدي الى السوق الكبير سوق باب السراي مكتوب حولها ابيات للشاعر عثمان افندي العمري الدفتري :

لقد شاد الامين ابو المعالي *** لوجه الله بالخيرات عمّر

فشاد منارة كعروس بكر *** وزينها فحازت كل مفخر

فخذ في وصفها تاريخ زاه *** تعالى شأنه الله اكبر

 وبحساب الجمل او التاريخ الشعري  فان الشطر الثاني من البيت الاخير يساوي 1169 هجرية

ويقينا ان سلسلة التعميرات التي تعرض لها الجامع احدثت تغييرات في بعض المفاصل فقد اعيد بناء المحراب وانطمست بعض الكتابات واعيد بناء المصلى لكن الجامع بقي في هيئته العامة كما بني ففيه بابان كبير وصغير . ويظل جامع الباشا من اهم معالم فترة الجليليين الذين حكموا الموصل بين سنتي 1726 و1834 ميلادية .

10-1-2022


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ويومكم مبارك ورمضانكم كريم

  ويومكم مبارك ورمضانكم كريم ونعود لنتواصل مع اليوم الجديد ............الجمعة 29-3-2024 ............جمعتكم مباركة واهلا بالاحبة والصورة من د...