الخميس، 2 أكتوبر 2014

ذكريات الاستاذ سامي مهدي (46) دعوة عجيبة الى الكويت 1989

ذكريات الاستاذ سامي مهدي  (46)
دعوة عجيبة الى الكويت 1989 
لم أزر الكويت إلا مرة واحدة وأظنها هي الأخيرة ما امتد بي العمر . ففي شباط 1989 تلقى رؤساء تحرير الصحف العراقية دعوة من الحكومة الكويتية لزيارة الكويت . جاءت هذه الدعوة عبر وزارة الثقافة والإعلام ، وحرص الوزير على أن يلبي هذه الدعوة كل رؤساء التحرير ، بناء على إلحاح الجانب الكويتي .
كنت يومئذ رئيس تحرير جريدة الجمهورية . لم تكن هذه الزيارة متوقعة ، من جانبي في الأقل ، ولا محسوبة . وكان زملائي في السفر كل من رئيس تحرير جريدة الثورة ، , ورئيس تحر ير جر يدة القادسية ، ورئيس تحرير جريدة العراق ، ورئيس تحرير مجلة ألف باء ، ونائب عن رئيس تحرير جريدة بغداد أوزيرفر .
أنزلنا مضبفونا في فندق مكتظ لا أتذكر إسمه ، وربما كان هذا الفندق من الدرجة الثانية . فليس فيه ما يوحي بغير ذلك . ولم يكن ثمة برنامج واضح للزيارة ، ولا لقاءات مع المسؤولين الكويتيين ، وكان من انتدب لمرافقتنا لا يفقه شيئاً من واجبات مرافقي الوفود ، ولا يطل علينا إلا إطلالات قصيرة وسريعة . وحين طلبنا منه مقابلة بعض المسؤولين ( وزير الخارجية مثلاً ) لم يستجب أحد لطلبنا ، فهؤلاء المسؤولون مشغولون ، كان الله في عونهم ، ولا وقت لديهم لتخصيص ساعتين ، أو ساعة ، للإلتقاء بوفد صحفي من رؤاساء التحرير هم من دعاه وألحوا على أن يلبي الدعوة . ولما ألح بعضنا على إجراء اللقاءات حدد لنا موعد مع وزير من خارج العائلة الحاكمة معني في ما هو معني به بالزراعة ، فراح يتحدث لنا عن الزراعة في الكويت واهتمام الحكومة بها ! ولكن ، والحق يقال ، أخذنا في صباح أحد الأيام إلى مزرعة ، أو شبه مزرعة ، تقع جنوب مدينة الكويت ، تناولنا فيها طعام الغداء وعدنا بعد الغداء من حيث أتينا سالمين غانمين . وفي إحدى الأمسيات دعينا إلى عشاء في أحد المطاعم ، وحضر الدعوة بعض رؤساء تحرير الصحف المحلية ، وفي طليعتهم أحمد جار الله ، صديق العراق الأثير ! ولست أذكر ما إذا كان الرجل هو صاحب الدعوة أم غيره .
ولكننا زرنا صديقنا الشاعر الكويتي أحمد السقاف في بيته زيارة قصيرة ، وتلقينا من الأستاذ وليد ابو بكر ، الصحفي والأديب الفلسطيني ، والسيدة عقيلته ليلى العثمان ، دعوة عشاء في منزله ، وكانت تلك الزيارة وتلك الدعوة خير ما حصل لنا هناك في رأيي .
كنت أشعر بالضجر طوال مدة إقامتنا . فالفراغ كثير ، والأجواء مملة ، وحين أنزل من غرفتي في الفندق لا أجد مكاناً للجلوس ، إذ ليس فيه صالة فسيحة يمكن أن تقضي فيها بعض الوقت ، وأنت تتفرج على الآتين والغادين وتحتسي فنجان قهوة . ولذا كنت أضطر للخروج من الفندق ، والتجوال على غير هدى في المناطق القريبة منه ، وأرى عباد الله في ذهابهم وإيابهم ، ثم لا ألبث أن أعود من حيث أتيت ، وأنا أكثر ضجراً مما كنت .
في ختام هذه السفرة الجديبة اكتشفت مع حقيبتي في المطار صندوقين لم يتسنّ لي الإطلاع على محتوياتهما إلا في بغداد ، فإذا بأحدهما يحتوي طاقماً كاملاً من الصحون الصينية ( الفرفوري ) وإذا بالآخر يحتوي قطعة قماش تكفي لـ ( بدلة ) كاملة ، ومع كل منهما بطاقة كتب عليها ( هدية من وزارة الإعلام ) وهي وزارة لم نزرها ولم نقابل مسؤولاً فيها . أما طاقم الصحون فوضعته أم نوار قيد الإستعمال اليومي فوراً ، وأما قطعة القماش فلم ألبث ان أهديتها لقريب ، لأن لونها وقماشها مما لا يلائم ذوقي ، وحمدت الله على نعمائه ! ولكنني لم أكتب كلمة واحدة عن السفرة وما رافقها وحدث خلالها في حينها ، لكي ( لا يزعل ) أخواننا في الحكومة الكويتية !
بعد كل السنوات التي مرت ، ما زلت أتساءل : لماذا دعينا ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حركة الشواف المسلحة في الموصل 8 من آذار 1959 وتداعياتها

  حركة الشواف المسلحة  في الموصل  8 من آذار 1959 وتداعياتها  أ.د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل ليس القصد ...